الأمل شعلة الحياة

الأمل شعلة الحياة

الحمد لله بديع السموات والأرض , بيده مقاليد الأمور , وبقدرته مفاتيح الخيرات والسرور, سبحانه وتعالى أحكم كل شيء صنعا , وتصرف كما شاء عطاء ومنعا, يقول الحق تبارك وتعالى : وَلا تَيْئَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الكَافِرُونَ" يوسف 87) . واشهد ان لا إله إلا الله وحده لا شريك له واشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم . . . وبعد :-
الإنسان العاقل هو الذي يستقبل الرخاء بالشكر والتقوى , ويستقبل الضيق بالصبر والرضا , فإذا جاء الرخاء لا يغتر بما أعطاه الله من نعمه , وإذا جاءه الضيق فلا ييأس مما عنده من فضل وفرج , واعلم أن الله يضع الشكر والرضا والأمل في مرتبة الإيمان والطاعة , ويضع اليأس في منزلة الكفر والضلال , قال تعالى : وَمَن يَقْنَطُ مِن رَّحْمَةِ رَبِّهِ إِلاَّ الضَّآلُّونَ" الحجر56) .
ولا أتصور أن إنسانا مؤمنا بالله وبرسوله يجد اليأس إلى قلبه طريقا , مهما أظلمت في وجهه الأيام , وكثرت عليه الشدائد والصعاب , فالتغير من سمات الحياة , ألا ترى تعاقب الليل والنهار , وتبادل الفصول الأربعة علي السنة , فهذا التغير يقابله تغير في أحوال الناس ومداولة الأيام بينهم , حتى يأخذ كل إنسان نصيبه من الحياة , من الصحة والمرض , من القوة والضعف , من الفقر والغنى , لأن دوام الحال من المحال , والله سبحانه وتعالى يقول في آية كريمة تهون المآسي وتخفف الآلام , إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله وتلك الأيام نداولها بين الناس " آل عمران 14) فاعلم يا أخي ان الأيام دول بين الناس , فلن يستمر القوي علي قوته أبد الدهر, ولا يدوم الضعيف علي ضعفه طيلة الزمن , فهذه حالات تعترض الأمم كما تعترض الأفراد , وأن الله يختبر المؤمنين ليميز الخبيث من الطيب فيجعل الخبيث في نار جهنم ويعطي الصادقين الصابرين مغفرة وأجرا في الآخرة ونصرا وتأييدا في الدنيا , يقول الحق تبارك وتعالى : " أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء وَزُلْزِلُواْ حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ" البقرة 214) .
فالأمل واليأس نقيضان لا يجتمعان في قلب إنسان مهما كانت معتقداته وتقلبات أحواله , ولكن المؤمن بالله ورسوله وبالقرآن ويتلوه آناء الليل وأطراف النهار ليعلم ما فيه من مواعظ وحكم وأخبار تهون علي المؤمن مشاكل الحياة وتشعل في نفسه جذوة الأمل بأن الله سبحانه وتعالي يغير ولا يتغير , وأن الصبر مفتاح الفرج , وأن مع العسر يسرا , فعلي الإنسان أن يتوكل علي الله ويكثر من ذكره ويسير علي منهج الإسلام في أمور حياته , ويعلم كم من امة ضعيفة نهضت بهد هزيمة وتخلف , وكم من أمة بطرت وتجبرت وكفرت بأنعم الله أذاقها لباس الجوع والخوف فزالت من الوجود , وما النصر إلا من عند الله .
نسأل الله أن يصلح حالنا ويسدد رأينا ويقوى إيماننا ويلهمنا الصواب في حياتنا وان يوحد جهودنا وينصرنا علي عدونا , فهو علي كل شئ قدير .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

مشكووووووووووووور

مشكوووووور