نجوم السعودية وشيخوخة التاريخ

نجوم السعودية وشيخوخة التاريخ


قبل أيام بثت وكالة الصحافة الفرنسية تقريرا رائعاً عن نجم الكرة السعودية فؤاد أنور أضاءت من خلاله على سيرته الحافلة بالتألق والموشاة بالإنجازات، وذلك ضمن السباق المحموم بين وكالات الأنباء العالمية لرصد وتوثيق تاريخ كأس العالم، كما جرت العادة قبيل انطلاق أي مونديال.
التقرير بقدر ما حمل من معلومات مهمة قدمها عن النجم السعودي الكبير إلا أنه قدم معلومة اعتبرها التقرير نفسه مصدر فخر لفؤاد أنور وهي المتعلقة بكونه بحسب التقرير "اللاعب السعودي الوحيد الذي مثّل المنتخبات السعودية في جميع المحافل القارية والعالمية من نهائيات كأس العالم للكبار والشباب والناشئين والأولمبي، وأيضاً في جميع بطولات الأندية عربياً وخليجياً وآسيوياً وعالمياً، وهو أول لاعب سعودي يحترف خارج السعودية أيضا".
وبقدر دقة المعلومة في جانب إلا أنها تفتقد للدقة في جانب آخر، ففؤاد أنور ليس اللاعب السعودي الوحيد الذي يشارك في كل الاستحقاقات القارية والعالمية الكبرى وعلى مستوى كافة الدرجات وحسب، بل هو اللاعب الوحيد في العالم الذي ينجح في تحقيق ذلك دون منافس، ما يجعله مستحقاً للدخول في قائمة (عظماء كرة القدم)، فضلا عن حتمية دخول اسمه موسوعة غينس للأرقام القياسية من أوسع أبوابها.
لكن الأسئلة التي تطرح نفسها، والتي حتماً لن تجد أذنا صاغية، ولا إجابة شافية، من المسؤول عن ضياع تاريخ كرة القدم السعودية وبعثرة انجازاتها؟، ومن المعني بتوثيق وحفظ قيمة كرة القدم السعودية في سجلات التاريخ؟، هل هي الذاكرة؟ أم الصحفيون المجتهدون؟، أم المشجعون الغيورون على رياضة الوطن؟ وهو الواقع اليوم.. ويا للأسف!.
أين الاتحاد السعودي لكرة القدم، بل أين الرئاسة العامة لرعاية الشباب، وأين مراكز ومعاهد البحوث والدراسات، ثم أين من يدعون بأنهم مؤرخو الحركة الرياضية السعودية من جمع شتات تاريخها المبعثر في طرقات الذاكرة التي باتت تشكو من شيخوخة تهدد بضياع جهد رموز وأبطال لم يكن ذنبهم سوى أنهم تفانوا في خدمة الوطن.
خذوا مثلا هل يملك أحدنا رصدا أو توثيقا كاملا لمسيرة رمز كروي سعودي كخليل الزياني، إنني أجزم بالنفي، ولعلي أحيلكم إلى موسوعة (ويكيبيديا) العالمية التي اختزل فيها تاريخ أهم مدرب في مسيرة الكرة السعودية في ثلاثة أسطر.
الكلام المباح
*من يقول عنه رائد النقد الرياضي المتنور، والكاتب الموسوعي المتبحر الأستاذ تركي الناصر السديري بأنه "نموذج للعقلية الرياضية المستنيرة، وغير التابعة لهوى أي أحد إلا خدمة وصلاح رياضة وطنه السعودي البهي، الذي يفوح وطنية مخلصة، وانتماء واعيا ومتمكنا لرسالة الرياضة، والمنعتق من الانضواء تحت راية التشجيعية الأمية".. من يشرفه عرَّاب الكلمة الحرة، ورائد الطرح الراقي بكل ذلك، ترى هل سيلتفت لأصحاب الاطروحات الرخيصة، و(الفزعات) المكشوفة، ممن وصفهم أستاذنا تركي الناصر السديري ب"شلة انتشروا للمقاولات والخدمات الإعلامية الرياضية".
*بعد ان أعيته الحيلة وأقعدته الحجة عن مطارحة الفكر بالفكر والدليل بالدليل في ذلك المساء راح يخطط ويتآمر في الغرف المظلمة - كما هي عادته- عله يرد اعتباره، ومني إليه قول دعبل:
إني لأفتح عيني حين افتحها
على كثير ولكن لا أرى أحدا